جاء أحمد كلاجئ غير مصحوب بوالديه إلى السويد. قُمنا في أخبار التلفزيون السويدي بمتابعته في كفاحه من أجل بناء حياةٍ جديدة في السويد. كانت سنةً مليئةً بالألم والشوق والانتظار- وبالفرح أيضاً في أوقاته في المدرسة والدوائر الحكومية والأصدقاء والموسيقى.
عندما التقينا (أحمد،14 عام) للمرة الأولى منذ مدة عام تقريباً كان قدم وصل للتو إلى السويد برفقة عمه محمد. بعد أن اتخذوا طريق اللجوء معاً هرباً من الحرب في سوريا، من مخيم اليرموك المحاصر جنوب دمشق. تسع شهور عبروا خلالها إلى تركيا، اليونان، مقدونيا، صربيا، هنغاريا، النمسا، ألمانيا والدنمارك إلى أن وصلوا إلى أرض الأحلام السويد. مصاعب الرحلة التي قامت الأسرة بتقييمها كانت صعبة على والديه وأشقائه وتطلبت أيضا الكثير من المال.
”أحسست نفسي منتصراً”، يقولها أحمد مبتسماً عندما التقينا به للمرة الأولى. ” منتصراً لأننا لم نصب بمكروه في الطريق.”
ولكن بالطبع حصلت أشياء خلال الطريق. تعطل القارب الذي استقلوه من تركيا إلى اليونان في وسط البحر، ووُضعوا في سجن في هنغاريا كما اضطروا للسير على الأقدام مسافات طويلة في الظلام لكي يتفادوا حراس الحدود.
” كنت خائفاً، خائفاً جداً.”
منذ لقائنا الأول به بعد عودته من المدرسة إلى سكن الهجرة وسؤالنا فيما كان يود أن نجري مقابلة معه، ذهلنا بإجاباته المدروسة وجرأته على التعبير عن مشاعره بالكلمات، دون قيد أو شرط. لم يكن يعرفنا، ولكنه اختار مشاركتنا ما يمكنه مشاركته معنا، من تجارب مر بها وأفكار تخطر بباله. ربما رأى ومر بأكثر من اللازم لشخص في مثل عمره. أو ربما في أي عمر كان. ربما هناك أمور أخرى يشعر بها أسوأ بكثير من أن يعبر عنها بالكلمات. لأنه يحمل معه ذلك الألم الكبير بأنه بعيد ، بعيد جداً عن وطنه وهو يشتاق لوالديه وأشقائه بعمق. وعائلته ما تزال تعيش في ظروف الحرب ومن الصعب التواصل معهم بشكل مستمر بسبب سوء شبكات الاتصال، وهذا بالتأكيد يجعل الوضع يكاد لا يطاق بالنسبة له.
” الحياة لا قيمة لها بدون الوالدين. الأم هي الحنان والأب هو الأمان”، يقولها ويسرح بعيداً، بينما يجلس في غرفته ذات الفرش المتقشف في سكن الهجرة.
ولكن لحسن الحظ أنه يستطيع وضع مخاوفه جانباً بين الحين والحين ليلعب ويضحك ويلعب كرة القدم ويسجل فيديوهات الموسيقى. فالموسيقى أصبحت جزءاً مهماً من حياته:
” الموسيقى مهمة بالنسبة لي فوق ما تتصورون”، يقولها عند مرافقتنا له إلى ستوديو الموسيقى قبل عام بالضبط. ”الموسيقى تساعدني على التعبير عن مشاعري. ”
وصل كلٌ من أحمد وعمه إلى السويد في بداية موجة اللاجئين الهائلة في العام الماضي، حيث تقدم 165 ألف شخص بطلب اللجوء في السويد. وهذا يعني بأن فترة معالجة طلبات اللجوء زادت بشكل دراماتيكي. بعد انتظار مدة عام تقريباُ تم استدعاء كل من أحمد وعمه إلى مقابلة طلب اللجوء لدى مكتب الهجرة. بعد إجراء المقابلة بقيوا سعداء عدة أسابيع قبل أن يصادق البرلمان السويدي على قوانين الهجرة الأكثر تشدداً. القوانين الجديدة تقتضي صعوبة الحصول على الإقامات الدائمة وأصعب من ذلك هو لم شمل العائلة إن لم يحصل المرء على الإقامة قبل تاريخ 20 تموز.
” أصبنا أنا وعمي باكتئاب حتى أننا كنا بالكادر نغادر غرفتنا. جلسنا نراقب صحفة موقع الهجرة طوال الوقت لنرى فيما إذا صدر قرار بشأن إقامتنا في السويد. كانت مسؤولتنا في مكتب الهجرة في إجازة إلى شهر آب وكنا قد فقدنا الأمل تقريباُ. ”
إلى أن جاء اليوم الجميل الذي حصلوا فيه على قرار الإقامة الدائمة في السويد وانزاح عبءٌ ثقيل عن قلب أحمد:
”كانت فرحةً من الصعب وصفها، وعلي الآن ملىء الأوراق بسرعة من أجل التقديم على طلب لم شمل عائلتي.”
في الأوقات التي تمكنا فيها من لقاء أحمد مراتٍ عدة خلال مدة تتجاوز العام، رافقناه في مكان إقامته وأثناء تناوله طعام العشاء، رافقناه إلى المدرسة، إلى الاستوديو الموسيقي، ومركز الرعاية الإجتماعية ومكتب الهجرة، ركبنا معه القطار وسمعناه يتحدث عن مباراة كرة القدم ومغامرة عيد الهالوين مع المدرسة، في الوقت الذي يرى والداه طفلهما يكبر عبر اتصالات الهاتف السيئة والتي يبدو فيها حزيناً باكياً في الغالب.
آخر ما وصلهم بخصوص قضية لم الشمل هو أنه تم استدعاء عائلة أحمد إلى مقابلة لم الشمل في القنصلية السويدية في بيروت بعد عام تقريباً في شهر شباط من عام 2018. لا يفهم أحمد لماذا كل شيء يأخذ كل هذا الوقت.
” انتظار أهلي مدة أربع سنوات هي مدة طويلة جداً لشخص في عمري. لا أفهم لما يأخذ كل شيء كل هذا الوقت.”
سيتم عرض الوثائقي الإخباري ”رحلة أحمد ”اليوم الثلاثاء في الساعة
20.30
على قناة
SVT2
ويمكنكم مشاهدته أيضاً على تطبيق
SVT play
في الرابط المدرج أدناه:
I dag sänds nyhetsdokumentären ”Ahmads resa” i SVT – men du kan se den redan nu i SVT Play här.